سليمان عيد... البطل رغم كلّ شيء

سليمان عيد في مشهد من فيلم "عسكر في المعسكر" 2003

أربعون عاماً وهو يقف هناك، في الزاوية التي لا تُضاء جيداً. يمرّ المخرج، يوم التصوير، فينظر إليه ويقول: "أنت يا أستاذ مثل العادة... لديك مشهدان، وأضحكهم من فضلك"يبتسم سليمان عيد، لا لأنّ المشهد مضحك، بل لأنّه يعرف أنّه يضحك الجمهور دائماً.

اسمه ليس على الملصقات، ولا تعلّق الفتيات صوره في غرفهن، لكنه حين يظهر على الشاشة، تتغير ملامح الجمهور. ينبت ضوءٌ في عيونهم، ويخرج ضحك خفيف كأنّه ارتياح. كأنّه صديق قديم يظهر فجأة في منتصف سهرة مملة.

كان يمكن له أن يسأل لماذا لم يحصل على دور البطولة، فيما أبناء جيله وصلوا إلى النجومية، واستخدموه سنّيداً في أفلامهم أيضاً. لكنّه لم يسأل. بل حصد دور البطولة بصمت وصبر من دون ضجيج وتغطيات. كان المايسترو الصامت الذي يضبط إيقاع الضحكة ثم يختفي قبل أن تصير باهتة. لم يتغيب يوماً. لم يرفض دوراً، لم يطلب زيادة أجر، ولم يصرخ في وجه الإخراج جيداً كان أم رديئاً.

اقرأ أيضاً: 

"عايشة الدور" مواهب وخفة ظلّ تطغى على القصة المكررة


كان يعرف أن الكوميديا الحقيقية لا تأتي من "النص الجيد" فقط، الورق كما يقولون الآن، بل من القلب الذي لا يتعب من محاولة إسعاد الناس، ولو بثلاث جُمل. وكان لا يتأخر عن دور كهذا مهما قيل، فهو مثابر كحال أجيال من العمالقة، يذكر الجمهور الحاضر كثيرين منهم؛ يوسف داود، يوسف عيد، محمد شرف، علاء مرسي وغيرهم رحلوا أو ما زالوا بيننا.

وها هو اليوم، قد غادر هذا العالم بهدوء، عن عمرٍ ناهز الثالثة والستين. كثيرون نعوه، لأنّه محبوب فعلاً، من دون أن يكون ذلك "النجم". رحل كما عاش: بصمتٍ نبيل. لكن مقاطع ضحكاته لا تزال تدور في عالم السوشال ميديا.

ربما لم يكن سليمان عيد بطلاً في أحد الأفلام، لكنّه كان بطل الضحكة، وهي بطولة من نوع آخر، بطولة قلوب الجماهير الحزينة بفراقه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوميات لبنانيين محاصرين في المربع الأحمر

نصائح لنجاح متكامل في العام الجامعي الأول