حين سرقوا منزل الشاعر خليل مطران

 
الشاعر اللبناني خليل مطران

يقول الخبر: "أفاد مندوب الوكالة الوطنية للإعلام في بعلبك، عن إقدام مجهولين على سرقة منزل الشاعر خليل مطران التراثي في بعلبك، وإفراغه من كلّ محتوياته وأبواب ونوافذه. وتفقد رئيس بلدية بعلبك فؤاد بلوق المكان، برفقة رئيس اللجنة الثقافية سامي رمضان، ومفوض الحرس في البلدية حمزة الجمال، الذي تولى مسح الأضرار والمسروقات، وتقدم محامي البلدية بدعوى ضد مجهولين في المخفر. 
انتهى. 3-1-2022. 

لا شكّ أنّ معظم اللبنانيين يعرفون، أو كانوا يعرفون قبل أن ينسوا، خليل مطران (1872- 1949) الشاعر الملقب بـ"شاعر القطرين" وهو الذي ولد في بعلبك، وتوفي في القاهرة، فهو من شعراء المنهج الدراسي، وأبياته لا سيما قصيدة "المساء" ومطلعها "داءٌ ألمّ فخلتُ فيه شفائي من صبوتي فتضاعفت برحائي" لطالما اجتهد التلاميذ في حفظها وتسميعها.

اللصوص والنشالون - المجهولون غالباً- يحتلون العناوين يومياً في لبنان، من دون نمط محدد أو نظام، فكلّ شيء بات عرضة للسرقة، في ما عدا ما يملكه أصحاب النفوذ الكبار، فهؤلاء يمارسون سرقة أكبر بكثير ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منهم، إذ لهم حراسهم وأجهزة إنذارهم وكلابهم وقلاعهم المحصنة. أما بقية السكان فعرضة للسرقة في أيّ مكان ولحظة من دون أن يحميهم أحد، بل إنّ تنوع المتهمين بين محترف يعيش على السرقة (غالباً ما يكون مدعوماً وإن رُفع الغطاء عنه أحياناً) أو مضطر لجأ إليها وربما صار متمرّساً فيها، أثبتَ مقولة "حاميها حراميها" إذ إنّ تقريراً تلفزيونياً أخيراً كشف أنّ من بين اللصوص أمنيين وعسكريين.

استنكار سرقة دون غيرها كائناً من كان الضحية؛ منزل شاعر كبير راحل، أو إنسان عادي، ليس غير تمييز. فالسرقة كلّها مرفوضة، لكنّ أولها وأعظمها السرقة اليومية التي يمارسها كلّ من يركبون على الشعب باسم القضية، والوطنية، والمسؤولية، ورعاية مصالح المواطنين (هذه وحدها نكتة سمجة) وغير ذلك من شعارات. هؤلاء اللصوص الكبار بالذات هم الطغاة الذين ركز مطران هجاءه ضدّهم، في كلّ أرض، وفي كلّ زمن داعياً الشعوب للثورة عليهم: "مُسْتَعْبِدٌ أُمَّتَّهُ في يومِهِ... مُسْتَعْبِدٌ بَنِيهِ للعَادِي غَداً".

في كلّ حال، تبدو السرقة مؤشراً على ما نحن فيه من انهيار متنوع المستويات والأشكال، من دون أن تشكل أيّ إنذار، فالانهيار مستمر وهذه القضية سُتنسى كما نُسي غيرها من قبلها. لكن، لعلّ بيتين للشاعر يصفان ذاك الانهيار ببلاغة، مخاطباً صديقاً اختار الهجرة، كما يسعى كثيرون اليوم، يستمران في تذكيرنا بما نحن فيه:
تَرَكْتَ الدَّارَ حِينَ طَغَى أَذَاهَا
وَأَضْحَى شَرُّهَا شَرّاً عَمِيمَا
فَلا المَظْلُومُ يَهْوَى أَنْ يَرَاهَا
وَلا المَأْلُومُ يَهْوَى أَنْ يُقِيمَا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوميات لبنانيين محاصرين في المربع الأحمر

نصائح لنجاح متكامل في العام الجامعي الأول