"شعيبياتنا كتير طيبين"... عن نداءات البائعين في لبنان

بائع عصير البرتقال، قرب ساحة الغبيري، في الضاحية الجنوبية لبيروت، ينادي على بضاعته الضرورية في حرّ الصيف: "يا ربّ تصير الحرارة خمسين... ألله يخلّي زبوناتنا الطيبين"، "ألله يزيد الشوبات ويخلّيلنا أحلى زبونات".

المناداة على البضائع والتدليل عليها لطالما كان من الضروريات في لبنان وغيره من البلدان، ولا سيما في الأسواق التي تختلط الأصوات فيها، وفي حالة البائعين المتجولين، ممن يتفنون بألحانهم وكلماتهم، حتى بات هذا التدليل نوعاً من الفولكلور ذي الصبغة الثقافية الجمالية، المستعاد دائماً.

تربينا على أصوات العديد من هؤلاء، ومنهم بائعو الخضار إذ يدلل أحدهم على الباذنجان، بل يغازله: "قلبك أبيض يا أسود"، وآخر ينادي على البطيخ "ع السكين يا بطيخ، أحمر حلو يا بطيخ"، وغيرهما ينادي من دون أيّ إضافات: "يللا عالبندورة، يللا عالكوسا، بصل أخضر"، وآخر ينغّم عدة أنواع بعضها خلف بعض: "يللا خيار بندورة بصل أخضر بصل أحمر باتنجان أرضي شوكي جزر وكوسا"، وأحدهم ينادي على الحشائش دون غيرها: "كربوزة بقلة"، وآخر على الفواكه الغالية: "مانغا وأناناس".

من هؤلاء من يسمي الصنف بدقة أكبر كقوله: "سلموني يا بصل"، "عاشوري مال حلب (يقصد الفستق الحلبي)"، "عدلوني يا بطيخ"، "بقاعية يا بطاطا". ومنهم من يسمّي صنفاً باسم صنف آخر أهم منه، كقولهم: "أناناس يا شمام".

أما بائعو السمك والسردين، فالتدليل الأهم عليه في مذهبهم، أنّه طازج، لذلك ينادون: "طازة يا سردين طازة يا سردين".

بائعو الحلويات لهم نداءاتهم الخاصة جداً، بل التي تطرق باب الإبداع، فهناك من يستخدم علم النفس العكسي، بالنداء على بضاعته من معمول المدّ: "مش طيبين أبداً". وهناك بائع الشعيبيات بسيارته الفولفو ستايشن، وندائه بالميكروفون: "شعيبياتنا كتير طيبين، طازة وسخنين، جيبوا الجاطات لنكتركن القطرات".

بعيداً عن الخضار والفواكه، هناك بائعو الخردة، وهؤلاء تحديداً يجمعون ما لدى الناس من معادن وأجهزة كهربائية ليسوا بحاجة لها، ولهؤلاء نداء مميز يقول: "ألمنيو، نحاس، بطاريات عتيقة للبيع" مع مدّ حرف الياء في الكلمة الأخيرة.

كذلك، هناك بائع مميز ينادي على أوانٍ مطبخية مصنوعة من الفخار بصوت عميق: "فخار فخار" فلا يُفهم كلامه أحياناً. بائعو الأواني المطبخية لهم أيضاً نداؤهم الخاص الذي يعدد ما على عرباتهم، من قبيل: "معانا صحون، معانا كاسات، معانا جاطات، معانا فناجين قهوة" والمدّ لازم هنا أيضاً في واو الكلمة الأخيرة.

غير هؤلاء، هناك بائع الكعكة العصرونية ونداؤه: "كعك كعك طازة كعك"، وبائع الفول والترمس والبليلة والذرة: "كلاوي يا فول، ترمس حلو، عرانيس عرانيس" مع ضرب ملقط الفحم بيده كي تكون له نغمة جاذبة. هذه النغمة تُستخدم أيضاً عن طريق زمور (بوق) يدوي، في حالة بائعين عدة مثل بائع الكاز، وبائع الترمس، وبائع الكعك، وبائع غزل البنات، وغيرهم.

وحده بائع الأيسكريم، صاحب الإبداع السماعي الخالي من الكلام، إذ تجوب سيارته الفان الأحياء، مُصدرة موسيقى رتيبة، إحداها ألحان "بينك بانثر"... موسيقى يضعف أمامها الصغار متجاهلين كلّ تحذيرات أهلهم من تناول الأيسكريم ولا سيما في الأيام التي تسبق الصيف وتليه.

تجدر الإشارة إلى أنّ بعض هذه النداءات دخل في أغانٍ عدة، من بينها أغنية "عرانيس" من غناء ياسمين حمدان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوميات لبنانيين محاصرين في المربع الأحمر

نصائح لنجاح متكامل في العام الجامعي الأول