"ألعن" 10 عبارات في لبنان
| من ذكريات الأسعار القديمة (عصام سحمراني) | 
كلّما طال أمد الأزمة في لبنان، وسيطول، ازدادت معالمها بروزاً في ميادين مختلفة. لعلّ هذه الإضاءة السوسيومعرفية مفيدة في تحديد بعض تلك المعالم على مستوى اللغة الاجتماعية اليومية، والأثر الذي تتركه بعض العبارات الخارجة من الواقع الحالي للمجتمع اللبناني، ثمّ ارتدادها على السكان، بكلّ ما تحمل من مضامين، لتتحول إلى سمة غالبة لهذه المرحلة، تحمل صفة اللعنة، لكلّ ما فيها من إزعاج وتكدير وإذلال وتخييب آمال، مع ثباتها في كلّ ذلك. ربما هناك ما هو أكثر من هذه العبارات، لكنّ ما جمعته في تدوينة اليوم، أزعمُ أنّه منتشر ومؤثّر أكثر من غيره، بين عامة الناس طبعاً، لا أهل السلطة ومحظييهم:
1- طلع الدولار: الأمر واضح، فالعبارة تعني غلاء كلّ شيء، وتهاوي القدرة الشرائية، وذوبان المدخرات، اللهم إلّا إذا كنتَ على الطرف المقابل، من أقلية تهنأ بـ"طلوع" الدولار، تبعاً لرواتبها الـ"فريش".
2- قَطَعْ الاشتراك: كانت في ما مضى "انقطعت الكهربا" والمقصود بها الكهرباء "العادية" أي كهرباء "الدولة"، والفعل لناحية المعنى "انقطعت" بُني للمجهول، وإن كنا جميعاً نعلم أنّ من يقطع الكهرباء ليس غير الفساد المتغلغل في بنية مهترئة يسميها البعض "دولة" وليست كذلك. أما الآن، مع غياب كهرباء "الدولة" والاعتماد الكلّي على الاشتراك، فإنّ الفاعل معلومٌ جداً، هو الذي قَطَع الاشتراك، كما أنّه هو نفسه من تقاضى هذا الشهر  مليونين ومئتين وخمسين ألف ليرة مقابل خمسة أمبيرات، لا تشعل سخان مياه. وهو ما يجرّ عبارة مزعجة بدورها: "ما في ميّ سخنة".
3- بدّو يرفع الإيجار: مصيرية هذه العبارة ولا مفرّ منها. فمن لم يزد مالك المبنى أو الشقة إيجارهم، فإنّهم قريباً سيواجهون هذا الواقع، إذ ينتظر المالك فقط انتهاء مدة العقد الحالي. الزيادة متفاوتة ولعلّ أفضلها التوافق بين الفريقين على ما يمكن أن يرضيهما معاً.
4- ما بغطّيه الضمان: تبدأ الأزمة الكبرى هذه في المستشفى حيث يطلب الطبيب تركيب جهاز ما للمريض، لكن وببساطة لا يغطيه الضمان، بل يغطي الأعمال الطبية المرافقة فقط لا غير، فإذا كانت كلفة العملية 80 مليون ليرة (أسعار دولار السوق السوداء) فإنّ 60 مليوناً منها على الأقل هي ثمن لجهاز لا يغطيه الضمان. وأيّ ضمان نتكلم عنه الآن؟ الجميع ينصحك بعدم طلب موافقات مسبقة إذ لن تصل أساساً! لا يقتصر الأمر على الأعمال الطبية، فالضمان كذلك لا يغطي أدوية ومستحضرات طبية عدة غير مصنفة، أو أنّه فجأة توقف عن تغطيتها.
5- التعليم حضوري: في زمن كورونا وأخواتها، ليست للمسألة أسباب تربوية أو صحية بل اقتصادية. على الرغم من تفضيل كثيرين التعليم الحضوري، فإنّه يعني لدى آخرين: مصاريف أوتوكار مهولة، هندام جديد للأطفال، خرجية أكبر (أرخص منقوشة زعتر اليوم بـ6 آلاف والبونجيصة بـ4000)، متطلبات مختلفة للمعلمين لا سيما حصص الرسم والتكنولوجيا والنشاطات المختلفة. كما أنّ الأم - أو الأب- المسؤولين عن تجهيز الأطفال لا سيما الصغار للمدرسة، قد يحظون بنصف ساعة نوم إضافية في حال كان التعليم أونلاين.
6- ما في "واي فاي": العبارة مزعجة لناحيتين، الأولى أنّك لن تتمكن من استخدام الإنترنت، والثانية مرتبطة بها إذ تفرض عليك اللجوء إلى الـ4 جي، وخسارة ما تملك من رصيد. لكنّ الأسوأ أنّ كثيراً من الأماكن التي تشهد تشويشاً لا إمكانية فيها لالتقاط 1 جي، وليس 4 جي.
7- Lockdown: إقفال البلاد، ومتفرعاته من حظر تجول ليلي ونهاري، وإذن عبر منصة كورونا للدخول إلى الأماكن المفتوحة، وحواجز مختلفة، كلّها مزعجة، وإن كانت عالمية الطابع، ففي لبنان، تحديداً في أوقات الحرّ وانقطاع الكهرباء لا يعني الإقفال غير مزيد من رؤى الجحيم.
 8- خلص الغاز: مزعجة جداً جداً هذه العبارة، خصوصاً إذا علمتَ أنّ قنينة أو جرة الغاز بـ350 ألف ليرة، وأنّه مطلوب منكَ أنتَ تحديداً أن تجلبها فوراً وإلّا فسدت الطبخة. تصبح عبارة لعينة وليست فقط مزعجة إذا كان الأسانسير معطلاً وبيتك في ارتفاع متوسط، لا يمكن أن تتذرع معه بعدم القدرة... هنيئاً لمن بيتهم في السادس وصعوداً!!!
9- مقطوع: خصوصاً عندما تقصد مكاناً لتسأل عمّا تسأل من ضروريات، وغالباً ما تكون كلمة "مقطوع" جواباً جاهزاً تعرف أنّه يخفي شبهة احتكار: دواء، بنزين، مازوت، غاز، مواد غذائية، مستحضرات عناية شخصية، مواد تنظيف، بطاقات تشريج، قطع غيار، وكلّ ما يرتبط بالدولار الأميركي... أحياناً تلحق بكلمة "مقطوع" عبارة "فيه (يوجد) البديل" أو سؤال "تاخد البديل؟" لكنّ الانقطاع في أحيان كثيرة يكون شاملاً فلا أصيل ولا بديل. كلمة "مقطوع" مقترنة بطبيعتها اللبنانية بسياسة رفع الدعم، المتزايدة والمتشعبة أخيراً وصولاً إلى الرفع الكامل قريباً.
10- سرفيسين: يُعرف عن استخدام سيارة الأجرة، أو السرفيس، أنّه أبسط عقد عمل بين طرفين. لكنّ الفريق الثاني؛ الشوفير، غالباً ما يثير انزعاج الفريق الأول؛ الراكب، عندما يشترط عليه قبل الركوب في سيارته أن يدفع الأجرة مضاعفة، سرفيسين لا واحداً، تبعاً لاعتبارات عدة، أهمها المسافة الطويلة والأحياء المزدحمة وربما المناطق التي يعتبرها خطرة، لكن تستحق المخاطرة مقابل سرفيسين. للراكب اعتباراته أيضاً إذ إنّه يحاول في البداية الوصول بسرفيس واحد فإن لم ينجح رضخ لطلب الشوفير الذي يشترط، أو أنّه لا يمكن أن يدفع سرفيسين من الأساس مهما اشترط الشوفير، خصوصاً إذا كان معتاداً على الوصول بسرفيس واحد، وخصوصاً في ظروف كهذه تعني فيها كلمة السرفيسين عبئاً كبيراً على جيبه قد لا يتحمله.
تعليقات
إرسال تعليق