"خلينا عم نتعامل بالليرة"

ليرة لبنانية قديمة old lebanese pound

تتزايد الدعوات للتعامل بالليرة اللبنانية في البيع والشراء، وتأتي غالباً من مصارف مغرضة في محاولتها تجفيف دولارات المودعين عبر تحويلها بصيغ مختلفة تلحظها تعاميم مصرف لبنان إلى الليرة اللبنانية، أو تأتي من سياسيين يبدون منسلخين عن الواقع في تحديهم السوق السوداء للدولار، بل ربما هم متواطئون كما في كثير من الأمور على استغباء الشعب وتدجينه.

"خلينا عم نتعامل بالليرة" هذا عنوان إحدى الحملات... لا مشكلة بالتعامل بالليرة اللبنانية، بل لا مناص من ذلك لدى غالبية المواطنين ممن لا مصدر دخل لديهم غير الليرة بأوراقها المتزايدة عدداً، ببركة المصرف المركزي والطباعة من دون حساب على الرقم المتسلسل نفسه، ما يعني غياب تغطية الليرة، ما يؤدي بدوره أيضاً إلى تهاوي قيمتها الشرائية.

فالدعوة للتعامل بالليرة والافتخار بهذا لا يجب أن توجه إلى المواطنين، بل يجب أن تقتنع بها السلع المتراكمة على الأرفف، وهي المسعّرة فعلاً بالليرة، لكن بواقع سعر فوق سعر فوق سعر، يجتهد العاملون في السوبرماركت لتبديلها يومياً مع التصاعد المخيف للدولار باتجاه ثلاثين ألف ليرة.

التعامل بالليرة لا يعني الليرة نفسها، فهذا أساساً ماضٍ سحيق يعود إلى ما قبل عام 1989، بل يعني الوحدة السعرية الساخرة بتلك الدعوات، وبالمواطن - المستهلك معاً، حين يختار الأخير عن الرف، علبة تونا بيضاء واحدة وعلبة ذرة ونصف كيلو بندورة ونصف كيلو خيار وربطة خبز صغيرة، ليجعلها غداء فقيراً له ولزوجته، فتتجاوز الفاتورة مائة ألف ليرة. أي تلك الليرة بورقتها البنية، أو بحجرها النيكل الذي اعتدنا لعب الطرقة نقشة فيه، التي كانت قبل عام 1989 المشؤوم، مضروبة مائة ألف مرة.

هو حديث عادي بالتأكيد طالما أنّنا عشنا الأزمات السابقة ونعيش الحالية، ونشهد على انهيار متكرر لعملتنا وقدرتها الشرائية، لكن لنتأمل هذه الأرقام فقط، ففيها ما يدعو إلى العجب... من تلك الدعوات الغبية على الأقل.

عصام سحمراني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوميات لبنانيين محاصرين في المربع الأحمر

نصائح لنجاح متكامل في العام الجامعي الأول