بنزين بنور الله
النكات تتواصل عن البنزين وغالوناته، لكنّ بعضها مؤلم، يتحدث عن فتنة طائفية بين ضيعتين جنوباً... هي فتنة مصلحية في أساسها ترتبط أيضاً بالإلهاء الأفقي بين من يشبهون بعضهم في كثير من الأمور، وتوظيف أزلام الزعماء فيها، منعاً كالعادة لأيّ احتمال للصراع العمودي المفترض. هذه المرة صودف أنّها بين أبناء طائفتين، وتحولت إلى ما يشبه الفتنة الطائفية في ظاهرها الذي تلعب عليه وسائل الإعلام ومنصات التواصل عادة إشباعاً لحمّى الـ"ترافيك". مثل هذه الحادثة كثير كلّ يوم على محطات في مناطق عدة بين أبناء الطائفة الواحدة. والهدف واحد موحد؛ بنزين لله يا مؤمنين، وإذلال لا ينجو منه إلّا المؤمنون؛ المؤمنون بالزعيم القائد المفدّى.
خزان دراجتي لا يتسع لأكثر من ثلاثة ليترات، ومع رحلاتي اليومي لحاقاً بالكهرباء والإنترنت بهدف العمل، أنفق ما لديّ من هذه الثروة البنزينية سريعاً. وهكذا، تدبرت أمري بغالون 20 ليتراً. هو رقم بعيد جداً عن ملايين اللترات المدعومة التي ضُبطت لسبب ما، لدى أحد التجار. أنزل يومياً بقنينة ليترين منه، أحكم إغلاقها وأضعها في كيس أسود، إذ لا أريد لأحد رؤيتها أو شمّها، خصوصاً أنّني أمتطي السلالم، وحين أصل إلى دراجتي، أسوقها بعيداً عن الحيّ، إلى نقطة أغيرها كلّ مرة، فأفتح الخزان وأرويها، متخلصاً من عبء كبير.
غالوني تدبرته من أحد تجار السوق السوداء الصغار وباعه لي بـ"نور الله" كما يضاف إلى أسعار إيجارات الشقق المعروضة عبر مواقع التواصل اليوم. توظيف لنور الله تدعمه صورة وصلتني عبر "واتساب" صباحاً، بمضمون يشدد على ذلك الإيمان اللبناني، المَجْدُول جَدْلاً بفساد يفترض تخصيص اللبنانيين بشكل آخر من الثواب والعقاب يناسب ما هم فيه من أزمات، هذه مطالبة مشروعة، بدليل المنطقة المطفأة الأنوار بكاملها، ليلاً، في ما عدا المسجد المشعشع بالأنوار الخضراء، غبطة للمؤمنين.
عصام سحمراني



تعليقات
إرسال تعليق