عدنان الشرقي النجماوي والصحافي
![]()  | 
| بقميص منتخب لبنان | 
اللاعب والمدرب
عدنان الشرقي، شارك بالإضافة إلى منتخب لبنان الكروي، مع الغريم التقليدي للأنصار؛ النجمة، وذلك في فترة قصيرة، أواخر الستينيات، أي تلك الفترة التي كان فيها الفريق النبيذي يتسلق القمة لإزاحة أندية تاريخية منها، لا سيما الهومنتمن والهومنمن والشبيبة المزرعة، عندما تأسس للكرة اللبنانية "ديربي" كبير، تمثل في مواجهات النجمة والراسينغ. كذلك، لعب لفريق الأولمبي المصري (بطل مصر 1965-1966) عام 1966- 1967، لكنّ النكسة أعادته إلى لبنان، وإلى الأنصار تحديداً، في دوري الدرجة الثانية، وتولى تدريبه أيضاً رغم سنّه الصغير، ففاز معه وصعد إلى الدرجة الأولى. وبذلك فإنّ الشرقي تولى تدريب الأنصار منذ كان في السادسة والعشرين من عمره، حاملاً شهادات تدريبية أيضاً، واستمر ذلك منذ عام 1967 حتى عام 2005، مع توقف لفترة قبل نهاية مسيرته.
كان ذلك قبل الحرب، وقبل زمن الإحصائيات التي باتت الرياضات، لا سيما كرة القدم، تدمنها، وتحاول أن تترجم أيّ إنجاز إلى رقم لا أكثر، من دون أيّ اعتبار للظروف المحيطة بهذا الإنجاز؛ أكانت شخصية أم بيئية أم مجتمعية أم اقتصادية أم صحية أم غيرها. فتخيل أنّ لاعباً اختير لتمثيل منتخب لبنان، رغم أنّه كان يلعب في دوري الدرجة الثانية. وتخيل أنّ لاعباً يعتبر في عز شبابه (26 عاماً) يدرب فريقه ويلعب في الوقت عينه، بل يدرب منتخب بلاده (1974) وهو في الثانية والثلاثين. وتخيل أنّ فريقه الأنصار الذي يبدو كأنّه من صنع يديّ الشرقي بالذات، بدأ في المنافسة سريعاً، ولولا الحرب عام 1975، لبزغ قبل نهاية الثمانينيات بأكثر من عقد.
الصحافي
أوقفت الحرب الأهلية (1975-1990) في سنواتها العشر الأول خصوصاً، النشاطات الرياضية الرسمية بالكامل في لبنان، حتى باتت المباريات تُلعب في المناسبات لا أكثر، من خلال دورات ودية، لا تتمكن من جمع المناطق كلّها حتى، بل كلّ مجموعة من الفرق في منطقتها لا أكثر. في تلك السنوات بالذات، عمل عدنان الشرقي في الصحافة الرياضية، خصوصاً من خلال مجلة "الوطن الرياضي". 
بين يديّ العدد الخامس عشر (نيسان/ إبريل 1980) من المجلة اللبنانية التي اكتسبت شعبية كبيرة في البلد الذي كانت تدمره الحرب، وفي جميع أنحاء الوطن العربي. وفي الصفحة الثانية عشرة منه، يظهر اسم الشرقي، الكاتب والصحافي، للمرة الأولى، تحت ترويسة "خواطر" التي كان يكتبها رئيس تحرير "الوطن الرياضي" في ذلك الحين، رهيف علامة (أمين عام اتحاد كرة القدم لاحقاً) مع إشارة من علامة جاء فيها: لستُ في إجازة عمل كما قد يُظن، وليس غيابي عن هذه الزاوية اليوم بفعل "الغرق" والزملاء في "بحر العمل"... ولكن، وبكلّ السعادة أنتحي جانباً اليوم لكي أرحب مع أصدقاء المجلة بزميلنا عدنان الشرقي الناقد والخبير والمدرب.
لكنّ ذلك المقال الذي يحلل فيه الشرقي الأسباب التي تمنع تفوق اللاعب العربي مقارنة باللاعب الإنكليزي "رغم موهبة الأول الأكبر من موهبة الأخير" في ما يفترضه المقال، فتح الباب للشرقي في هذه المجلة بالذات للتحول إلى مراسل أيضاً، لا سيما بعد تولي سعيد غبريس رئاسة تحريرها. فقد غطى الشرقي بطولتي كأس العالم 1986، وكأس أمم أوروبا 1984، بالإضافة إلى غيرهما، وأجرى خلالهما وفي مناسبات عدة أخرى عشرات المقابلات مع اللاعبين والمدربين.
ومع الاعتماد على أرشيفي الشخصي، أجده في العدد التاسع والستين (أكتوبر/ تشرين الأول 1984) يجري مقابلة مع مدرب منتخب ألمانيا (الغربية) فرانز بكنباور، في باريس. وفي العدد الحادي والسبعين (ديسمبر/ كانون الأول 1984) يجري مقابلتين، مع حارس بايرن ميونيخ الألماني، ومنتخب بلجيكا، جان ماري بفاف، ولاعب ألمانيا وريال مدريد الإسباني، أوليه شتيلكه، وذلك في الرحلة نفسها إلى باريس، وهي رحلة تغطية بطولة "يورو 1984" التي فاز بها المنتخب الفرنسي. ثم مقابلة مع نجم فريق كولن ومنتخب ألمانيا، كلاوس ألوفس، في العدد الثاني والسبعين (يناير/ كانون الثاني 1985) من كولن الألمانية بالذات. أما العدد الخامس والسبعين (إبريل/ نيسان 1985) فقد تضمن مقابلة مع الدنماركي سورين ليربي، نجم بايرن ميونيخ الألماني، في ميونيخ.
ثم مع الإيطالي جيان كارلو أنطونيوني (بطل العالم 1982) لاعب فيورنتينا، من فلورنسا، في العدد السادس والثمانين (مارس/ آذار 1986)، وفي العدد نفسه مقال للشرقي، تحت ترويسة "نافذة على العالم الكروي" في الصفحة 59، بعنوان "أمام بيرزوت ثورة في مراكز لاعبي إيطاليا". ثم مقابلة مع نجم البرازيل وأودينيزي الإيطالي، إدينيو، في العدد التاسع والثمانين (يونيو/ حزيران 1986) قبل كأس العالم بأيام.
وبينما تشعر في تلك المقابلات، بزخم إنساني أكبر بكثير لكرة القدم العالمية، عمّا هي اليوم، ومنذ فترة ليست بقليلة، حيث التسليع للاعبين والجمهور وكلّ ما يرتبط باللعبة، فإنّ الشرقي يمدك أكثر بهذا النوع من الأسئلة القيّمة المرتبطة بالرياضة كرياضة وبانعكاسها على الروح الفردية والعائلية والمجتمعية والوطنية، لكن من دون أي تصنّع وابتذال مما نعهده في إعلانات اللاعبين اليوم بعدما تحولت الرياضة لا سيما كرة القدم إلى صناعة في اقتصاد سوق مفتوح لا يحتمل الخسارة بل يستبدل سريعاً أيّ استثمار ذي مخاطر.
عام 1986 كان الأخير للصحافي عدنان الشرقي، ليتفرغ بعدها لناديه الأنصار، خصوصاً أنّ اتحاد كرة القدم الذي أعيد تنظيمه عام 1985، وحظي باعتراف من الفيفا، على العكس من اتحاد المنطقة الشرقية، قد بدأ في تنظيم البطولات. هذه البطولات، لا سيما الدوري العام، وكأس لبنان، سيطر عليهما الأنصار مع عدنان الشرقي طويلاً، منذ نهاية الثمانينيات حتى نهاية التسعينيات، بواقع 11 بطولة دوري، تحت قيادة الشرقي (ارتفعت بعده إلى 14)، و8 بطولات كأس (ارتفعت بعده إلى 15)، وكان موسمه الأخير مع الأنصار عام 2004-2005، بعد توقفه عن تدريبه منذ نهاية موسم 1999- 2000.
البطولات التي حققها الأنصار طوال تلك الفترة، بقيت مثار جدل بين جماهير كرة القدم اللبنانية، مع اتهامات عدة للأنصار بمحاباة الاتحاد له، لكنّ كلّ ذلك لا يمكن أن يلغي ما حققه الأنصار، وما حفظته السجلات، ولا يلغي بأيّ شكل، ما كان يمتلكه الشرقي من قدرات قيادية وخبرة كروية كبيرة.
*الصور من أرشيف مجلة "الوطن الرياضي"

تعليقات
إرسال تعليق